1- سلطان الشيطان
(إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (البقرة: 169)
(فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ) (النور:21)
أقوى سلاح لدى الشيطان هو أن يكون لديه سلطان على الإنسان فيأمره بالسوء والفحشاء والمنكر فيستجيب له بملء إرادته. سلطان الشيطان مشتقة من كلمة سلطة وتعني مدى تحكم الشيطان في الإنسان وقدرته على تحريكه في اتجاه معين.
(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (ابراهيم: 22)
الآية السابقة تبين لنا أن سلطان الشيطان على الإنسان وإن زادت سطوته فإن أقصى ما يمكنه فعله هو أن يبين للإنسان ويزين له مسالك الضلال ويدعوه إليها. ولكن خيار الاستجابة لهذه الدعوة في يد الإنسان وحده.
(إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) (النحل: 100)
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الحجر: 42)
(إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ۚ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ وَكِيلًا) (الإسراء: 65)
(وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ حَفِيظٌ) (سبأ: 21)
الفئات التي للشيطان سلطان عليهم:
1- أولياء الشيطان الذين يتولونه والذين هم به مشركون
2- الغاوين
3- الظالمين
4- الذين هم من الآخرة في شك
(إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (النحل: 99)
(قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (الحجر: 39-40)
الفئات التي ليس للشيطان سلطان عليهم:
1- الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون
2- عباد الله المخلصين
3- من يؤمن بالآخرة
للوقاية من سلطان الشيطان لابد أن تسعى لأن تكون من الفئات التالية:
الفئة الاولى: الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (الأنفال: 2)
الإيمان مع التوكل على الله من أقوى طرق الحماية من تسلط الشيطان على الإنسان. فاحرص على إيمانك وأعمل على أن تزيده باستمرار، ومن وسائل زيادة الإيمان هي الاستماع للقرآن باستمرار والدعاء بزيادة الإيمان حيث يمكنك أن تقول:
"رب زدني إيمانا"
"رب أنزل على السكينة على قلبي لازداد إيمانا على إيماني"
والإيمان لابد أن يقترن بالعمل الصالح وأن يتوكل الإنسان على الله في كل أعماله لكيلا يدع للشيطان أي مجال للتدخل في كيفية قيامه بأعماله وهدفه من هذه الأعمال. فربط العمل بالله عز وجل يحفظه من سلطان الشيطان ويمنعه من افساده.
الفئة الثانية: عباد الله المخلصين
(قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغوِيَنَّهُم أَجمَعين * إِلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخلَصينَ) (ص: 82-83)
الإخلاص لله عز وجل في العبادة من الصفات التي تحمي صاحبها من سلطان الشيطان. الإخلاص يطهر العبادة وينقيها ويزيد من جودتها فتصبح خالصة لا شوائب فيها. وهذا يجعل الإنسان محصنًا ضد اختراق الشيطان وتسلطه على حياته.
(وَما يُؤمِنُ أَكثَرُهُم بِاللَّهِ إِلّا وَهُم مُشرِكونَ) (يوسف: 106)
في الآية السابقة تقرير من الله بأن أغلب الناس إيمانهم بالله مقرون بالشرك بالله. فاحرص على زيادة مستوى اخلاصك لله عز وجل في عبادتك.
أدعية تحميك من الشرك:
"اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك ما ليس لي به علم أو أن أكون من الجاهلين"
"رب اجعلني من عبادك المخلصين"
الفئة الثالثة: من يؤمن بالآخرة
عندما تكون الآخرة والإيمان بها من أقوى الأفكار وأكثرها ثباتًا ومركزية في قلب الإنسان، فإن هذا الإنسان يكتسب مناعة قوية ضد الشيطان وتسلطه عليه. فعندما تدرك دون شك أن هذه الدنيا هي دار اختبار ومرحلة مؤقتة وأن كل ما تفعله فيها سيتم تقييمه في نهاية المطاف، فإنك تغلق أكبر مداخل الشيطان التي يستحوذ عن طريقها على الناس.
كل المذاهب والمعتقدات والديانات التي لا تقوم على الإيمان بالآخرة كأساس وفكرة مركزية هي ديانات شيطانية، وقد استطاع الشيطان عن طريقها الاستحواذ على كثير من البشر ومن ثم قام بجرهم إلى الخسران المبين في الدنيا والآخرة. الشيطان يسعى لتشكيك الناس في الآخرة وصرفهم عنها بشتى الطرق. فكفر الإنسان بالآخرة هو كفر بأن الله حي قيوم وأن هنالك حساب وجزاء لكل أعمال الإنس والجن في الحياة الدنيا.
سيحاول الشيطان باستمرار صرفك عن التفكير في الآخرة وحتمية حدوثها، لذلك اسعى لأن تجعل من الإيمان بالآخرة من الأفكار المركزية لديك والتي تدور حولها أفكارك وأهدافك. فكلما نجح الإنسان في ذلك كلما نجح في أن يكون من عباد الرحمن الذين هم في حصن منيع من سلطان الشيطان.